نعم للثورة الفكرية

"نعم للثورة الفكرية " هي بقعة ضوء ومتنفس حرية لكل الطامحين لإقامة مجتمع يحترم كل افراده على اختلافاتهم وتنوعهم.

الثلاثاء، 14 يوليو 2015

كفى وأداً

 أختلفت أساليب الوأد للفتيات على مر العصور بأختلاف الأزمنة و الأمكنة و التفاوت الثقافي و البيئي بين الشعوب، و مما لا شك فيهِ إن عادة الوأد التي كانت مُتفشية في العصور الجاهلية أنذاك هي من أكثر العادات ظُلماً و تحقيراً للأنثى. 


وعلى الرغم من إننا نشهدُ ثورة تطورية كبيرة على كافة الأصعدة جعلتنا في بونٍ كبير ما بين العصرين الجاهلي و المُعاصر إلا إن أساليب الوأد لا زالت تُلقي بظلالها على المرأة العربية و بطرق مُبطنة لا تخلو من الهمجية و الإمتهان عن سابقاتها لا سيما ظاهرة "ختان الإناث" وهي عملية إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية دون وجود سبب طبي لذلك بأستخدام موس أو سكين بدون أي تعقيم أو تطهير لتلك الأدوات المُستخدمة مُبررين بأنها أحد الطقوس الثقافية أو الدينية كما يزعمون. يختلف العمر الذي تجرى فيهِ هذه العملية من أسبوع بعد الولادة وحتى سن البلوغ حسب تقريراليونيسيف، حيثُ إن أكثر من 130 مليون امرأة في 29 دولة في أفريقيا  و الشرق الأوسط تعرضّن للختان بحسب تقرير أصدرتهُ المنظمة ذاتها في اليوم العالمي للختان. و بالرغم من مُحاولة المُنظمات الدولية لمكافحة الخِتان الذي تُجرّمهُ كافة القوانين الدولية لا زالت بعض الدول العربية تعتلي قائمة الصدارة بين الدول من بينها الصومال بنسبة 98% و جيبوتي 93% و مصر بنسبة 91 % أما السودان فوصلت نسبة الخِتان هُناك إلى 89% .
المُريب إن المُشكلة باتت لا تقتصر على النساء في القارة الأفريقية، إذ ارتفع عدد النساء المُتعايشات مع الختان أو المُتعرضات لهُ من  168,000 في عام 1997 إلى 513,000 هذا العام في الولايات المتحدة. أما في  أوروبا، فيُقدر أن مئات آلاف النساء قد تعرضن للخِتان فيما آلاف البنات مُعرضات لهُ في المستقبل.



المُلفت للأنتباه أَنهُ و بالرغم من تَسنيِّنْ قوانين تُجرّم عملية الختان في بعض الدول العربية إلا أَنها لم تشهد تغيراً ملحوظاً خاصةً في كُل من الصومال و جيبوتي و السودان و اليمن بسبب تمسك أبناء المُجتمع بالعادات و التقاليد الدنيئة لا سيما النساء المُسنات منهم خوفاً من "وصمة العار" التي ربما تجلبها الفتاة لهم ..! مع العلم إن عملية الختان لها مُضاعفات مُميتة تتضمن النزيف المُميت والاحتباس البولي الحاد وعدوى المسالك البولية وعدوى الجروح وتسمم الدم و الكزاز و إمكانية أنتقال الإلتهاب الكبدي و الإيدز....إلخ من المُضاعفات المتأخرة .
التساؤل الذي يدعونا للتأمل ملياً هو: إن كان الهدف من وراء عملية الختان هو مُساعدة الفتاة في الحفاظ على شرفها والحدّ من الشهوة الجنسية التي تضمن لها الوقاية من الأنخراط نحو العلاقات الجنسية المُتعددة ما الذي سيساعد الرجل إذن ..؟ قصّ القُضيب أم جعل الرجل حبيساً للمنزل ..؟! بما إن بعض الشيوخ يتكلمون من مُنطلق الشرف المُفرط وجب
عليهم الأخذ بنظر الأعتبار مبدأ العدالة و المساواة حتى نصل للغاية المنشودة في تأمين مُجتمع خالٍ من العاهات والأنحلال الأخلاقي أم أن المُمارسات اللأخلاقية حِكرٌ على النساءِ فقط .؟ مرة أخرى تقع المرأة فريسة مُستساغة لأعداء الأنسانية ، ومرة أخرى يقف المُجتمع العربي مكتوف الأيدي أمام الأرقام الكبيرة للفتيات اللواتي يتعرضّن لعملية الخِتان. فالحقيقة إن  سَنَّ القوانين وحدهُ لا يكفي للحدّ من هذهِ الظاهرة المقيتة، الأمر يحتاجُ لتظافر الجهود أبتداءاً من صدور أحكام صارمة ضد كُل من يُمارس العملية من الداية و حلاق الصحة و الطبيب و أنتهاءً بإطلاق حملات توعية و فتاوى واسعة النطاق حتى تؤخذ المُشكلة على هودج الجد و إلا فالتواني في المُلاحقة القانونية لهؤلاء و الأرقام المُهَّولة للفتيات تُبشر بمُنعطف سحيق لا تُحمد عُقبَاهُ أبداً .

Ban A. Daniel